افتتح يوم أمس ،الاثنين ، في العاصمة الأمريكية واشنطن قمة فريدة وغير مسبوقة ، تحت عنوان " ضمان عدم وصول المواد النووية التي تنطوي على خطورة إلى الأيدي الخطأ" ، أي المقصود الدول المسماة "المارقة" ، عناوينها معروفة ، وأيضا "المجموعات الإرهابية" وعلى رأسها القاعدة ،على حسب تصنيف الولايات المتحدة الأمريكية.
ويشارك في هذه القمة أكثر من 47 زعيما و مسؤولا في اكبر قمة و تجمع تستضيفها أمريكا منذ أن وضعت الحرب العالمية الثانية أوزارها سنة 1945 .
في هذه القمة سيحث الرئيس باراك أوباما الحاضرين الانضمام إلى خطته الرامية لتأمين مخزون المواد النووية المعرضة للخطر في غضون أربع سنوات و سبل تأمين مواد مزدوجة الاستعمال وعدم تهريبها و تحويلها في صناعة أسلحة الدمار الشامل .
أكبر الغائبين الكيان الصهيوني والذي لا يخفى على أحد أنه مالك ترسانة لا يعلم أحد شيئا عنها. وكان من المفروض أن يحضر رئيس هذا الكيان المؤتمر لكنه تراجع عن ذالك عندما علم أن دولا ستثير ترسانته خلال هذه القمة. ومن عجائب الأمور أن أمريكا التي تسعى ،كما تزعم ، جعل عالم خاليا من الرعب النووي ، تقول أنها متفهمة مبررات هذا الغياب...
أيضا ، هاهو الرئيس الفرنسي ،نيكولاس ساركوزي، المشارك في هذه القمة يؤكد يوم الاثنين أنه لن يتخلى عن سلاحه النووي والذي وصفه "بضمان الأمن" . ويضيف الرئيس ساركوزي في تصريح له لإحدى القنوات التليفزيونية ، أن هذا السلاح هو ضمان امن بلده لذالك لا يمكن التخلي عنه من جانب واحد في العالم أكثر خطورة من أي وقت سابق...
أمريكا نفسها صاحبة هذه المبادرة هي نفسها صاحبة أضخم وأقوى ترسانة من مختلفة أصناف أسلحة الدمار الشامل نووية و غير نووية ، بإمكانها من خلالها تدمير ليس فقط الكرة الأرضية وإنما المجموعة الشمسية و أكثر آلاف المرات وليس لها أي نية المساس بها أو حتى الكشف عنها كليا للعلن ...
أكثر من ذالك ، فهي تتطور ليلا نهار أنواعا جديدة ، أكثر فتكا ، حتى أنها تفكر في اجتلاب و استخدام الطاقة من قلب الشمس للاستخدام المزدوج (المدني و العسكري)... أمريكا نفسها استخدمت هذا السلاح بدون أن يكون أمنها في خطر ،على سبيل المثال تدمير مدن ومن فيها في نهاية الحرب العالمية الثانية ،رغم أن الحرب عمليا انتهت وكانت اليابان في طريقها إلى الاستسلام بدون داعي إبادة آلاف المدنيين . وكانت تجربة لذالك السلاح أكثر منها ضرورة قتالية.
أيضا ، استعملت مشتقات هذا السلاح ،أو أسلحة تدميرية أخرى غير معروفة ، في غزوها و احتلالها العراق... لهذا يرى الكثير أن مسببات التي تطلقها الدول المالكة لهذا السلاح و على رأسها الولايات المتحدة الأمريكية ،بأن منظمات إرهابية ستستخدم هذا السلاح إن وقع بين يديها ، هو كلام حق يراد به باطل . ..
وهناك من يقول يوجد حلين لا ثالث لهما من أجل حماية السلم و الأمن العالمي ، وهي عبارة عن معادلة لا بد أن يكونا طرفيها متساويين من أجل أن تكون صحيحة . إما القضاء نهائيا على كل ترسانات العالم ، وهذا مستحيل و غير عملي ، حتى لو نفرض جدلا أن هذا سيحصل فعقل الإنسان يستطيع اختراع وصناعة ما هو أكثر...
تبقى المعادلة الثانية رغم خطورتها فهي قد تكون شر لا بد منه وهو تمكين كل دول العالم امتلاك هذه الأسلحة من أجل خلق توازن رعب . في هذه الحالة لا دولة تفكر في استخدامه لأنها تدرك أن عدوها هو أيضا يملك نفس الشيء ، كما قال الرئيس الفرنسي ساركوزي أن هذا السلاح هو "ضمان وامان " .
وأحسن مثال لهذه معادلة " السلم و الرعب" التي طبقت أثناء حقبة الحرب الباردة و لولاها (المعادلة ) كانت ستتحول إلى ساخنة في أي لحظة لو لم يكونا الطرفين يمتلكان أسلحة الردع الشامل ، وكان احد الطرفين سيبتلع الأخر بدون هضم ... أيضا ، لو كانت أمريكا تعلم أن صدام حسين كان يملك هذا السلاح لما تجرأت و"بهدلته" بهذه الطريقة الشنعاء ...
حمدان العربي
13.04.2010
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق